تعود العلاقات بين الهند والخليج العربي إلى حضارة وادي السند، وهناك افتراض شائع أنه منذ 2500 عاماً، كان هناك تبادل تجاري منتظم بين أراضي الخليج العربي ووادي السند. ومن الواضح تقريباً أن العلاقات بين الساحل الجنوب الغربي للهند والخليج العربي قد نشأت قي وقت ما قبل القرن الأول الميلادي. وقد شهد التواصل الوثيق بين الشعبين تبادل الرحلات المنتظمة بين الجانبين. كما كتب بعض العلماء العرب، أمثال البيروني وابن بطوطة وابن خلدون بصورة موسعة عن الهند. وكان الهنود هم أول من أنشأ مدرسة للمواد الحديثة في شبه الجزيرة العربية سميت باسم "المدرسة السلطانية". وقد أنشأت هذه المدرسة سيدة نبيلة تدعى السيدة "صولت النساء" في عام 1857، حيث كانت تدرس الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والعلوم الاجتماعية. كما أنشأ أحد الأمراء الهنود أول مدرسة نظامية تدعى "مستشفى الحجاز" في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وتعتبر الهند أن الخليج العربي أقرب جيرانها المباشرين، حيث يستغرق زمن الرحلة من مدينة "جاوا" إلى مدينة "مسقط" نحو ساعتين ونصف الساعة، بينما تستغرق الرحلة من مدينة "مومباي" إلى أي عاصمة في منطقة الخليج العربي ثلاث ساعات ونصف الساعة على الأكثر، وتستغرق المسافة من إحدى المدن في شمال الهند إلى أي مدينة في جنوبها خمس ساعات على الأقل. وعلى الرغم من الأدلة الحقيقية على قدم الوشائج التجارية والثقافية بين الجانبين، إلا أنه يسود اعتقاد خاطئ حالياً أن علاقات الهند بدول الخليج العربي تدور فقط حول الجوانب الاقتصادية، والتي تقتصر في الأغلب على تصدير القوى العاملة واستيراد النفط. بعد فترة وجيزة من استقلال الهند، تم تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين من خلال التفاعلات المنتظمة رفيعة المستوى. وعلى الرغم من عدم وجود حقيبة سياسية، إلا أن ديناميكيات الروابط السياسية والاستراتيجية لم تجد صدى في المناقشات المعاصرة. فهناك تضافر متنام بين الهند والخليج، حيث تتشابه المنطقتان إلى حد كبير في نظرتيهما للقضايا الاقتصادية والاستراتيجية على المستويين الإقليمي والعالمي. وساهمت سياسة "النظر للشرق" لغالبية دول الخليج فيما يتعلق بالتكنولوجيا والخدمات المتطورة في جعل الهند أكثر قرباً لهذه الدول. ولذلك عندما زار رئيس وزراء الكويت الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح الهند الأسبوع الماضي، أظهر الجانبان حرصهما على دفع التعاون وتمديد العلاقات في عدة مجالات رئيسية. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء كويتي للهند منذ عشر سنوات على الأقل. ومن هنا كان حرص الجانب الهندي الكبير على منح هذه الزيارة أهمية خاصة مع بسط السجادة الحمراء للضيف الكويتي في علامة على حرص نيودلهي على دفع المشاركة والبحث عن سبل لتوسيع العلاقات بين الكويت والهند. وتعتبر زيارة المسؤول الكويتي للهند زيارة رسمية، حيث أقام رئيس الوزراء الهندي مانموهان سنج مأدبة عشاء للوفد الكويتي رفيع المستوى الذي يضم عدداً من الوزراء وكبار رجال الأعمال. وقد عقد الشيخ جابر سلسلة من المباحثات الثنائية مع كبار المسؤولين في الهند، بدءاً من الرئيس براناب موخيرجي، ونائب الرئيس حميد أنصاري ورئيسة المؤتمر الوطني الهندي الحاكم سونيا غاندي. والهند لديها كل الأسباب لإعطاء أهمية لهذه الزيارة لرئيس وزراء الدولة التي ترتبط معها بعلاقات فعالة ومتجذرة وراسخة تاريخياً. ومن ناحية أخرى، فإن الهند هي واحدة من أكبر عشر شركاء تجاريين للكويت. كما أن الكويت هي رابع أكبر مورد للنفط الخام للهند. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الهند والكويت حاليا ما يزيد على 17 مليار دولار، وهو بذلك يفوق حجم تجارة الهند مع بلدان أخرى مثل روسيا.وقد ذكر رئيس وزراء الهند في كلمته الافتتاحية عقب المباحثات الثنائية مع الشيخ جابر أن الكويت "تعتبر واحدة من أهم أصدقاء وشركاء الهند في هذه المنطقة المهمة من العالم." كما استشهد رئيس الوزراء سين بتقرير البنك الدولي، مشيرا إلى أن قيمة التحويلات السنوية التي تلقتها الهند العام الماضي بلغت 70 مليار دولار، منها 30 مليار دولار من دول مجلس التعاون الخليجي. ومن جانبه، أوضح الشيخ جابر أن الكويت تتطلع إلى الاستفادة من التقدم الكبير الذي شهدته الهند في مجالات التكنولوجيا والصناعة والاقتصاد، بما يساهم بتعاوننا معاً في تنفيذ مشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي ودولي. واعرب سموه عن تقدير الشعب الكويتي لموقف الهند المشرف إبان الغزو العراقي عام 1990 وخصوصا خلال عضوية الهند في مجلس الأمن خلال هذه الفترة وما بعدها. وقد تناول الزعيمان في مباحثاتهما العلاقات الثنائية بين البلدين إلى جانب القضايا التي تؤثر على المنطقة والدول المجاورة المعنية. وتم اتخاذ قرار بالنظر في توسيع العلاقات الكويتية-الهندية من خلال دفع التعاون المشترك في بعض المجالات مثل الأمن وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية. والى جانب بحث إمكانية إقامة مشروعات مشتركة في مجال الأسمدة، اتفقت الدولتان على إقامة حوار أمني سنوي والتبادل المنتظم لوجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية. وكان من الواضح خلال الزيارة أن الدولتين تحاولان تجاوز التعاون في مجال النفط فقط. وأوضحت نيودلهي أنها ترغب في توسيع العلاقة من علاقة مشتر وبائع إلى مشاركة أكثر شمولية؛ لذلك فقد كانت هناك محاولة للنظر في العمل معا في دول العالم الثالث. وحيث إن الهند تقدم فرصاً جاذبة للاستثمار في قطاع البنية التحتية، فقد ناقش الجانبان مقترحات وسبل خاصة لتوجيه الاستثمارات الكويتية في الهند. ومن المتوقع أن يقوم وفد كويتي يمثل هيئة الاستثمار بزيارة الهند في وقت مبكر لهذا الغرض. زيارة رئيس الوزراء الكويتي قد ساهمت بلا شك في تنشيط العلاقات الكويتية-الهندية، وستظل نقطة تحول في محاولات الهند لتنويع علاقاتها مع دول الخليج العربي.